أوكرانيا: تكلفة إعادة تأهيل البنى الأساسية العلمية تتخطى 1.26 مليار دولار أمريكي (اليونسكو)

• اقرأ الدراسة كاملة هنا. 

كانت أوكرانيا قبل الغزو الروسي معروفة على مستوى العالم بما تقدمه من مساهمات هامة في مجالات علوم الحاسوب والفيزياء النووية وعلم الفلك. ارتفع إجمالي مجموع المنشورات العلمية بين عامَي 2015 و2019 بواقع 45٪ (باستثناء العلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية). وبلغ عدد المنشورات الأوكرانية فقط في مجالَي الذكاء الاصطناعي وتصميم واستخدام الإنسان الآلي 6.214 منشوراً بين عامَي 2012 و2019. (تقرير اليونسكو للعلوم 2021). 

وتُفيد الدراسة الجديدة التي صدرت اليوم عَن اليونسكو وأكاديمية العلوم الجديدة في أوكرانيا بأنّ إجمالي عدد المباني التي تكبّدت أضراراً ودماراً إبّان العامَين المُنصرمَين بلغ 1.443 مبنى تابعاً لـ 177 مؤسسة علمية. وتفوق تكلفة إعادة تأهيل هذه المباني 1.21 مليار دولار أمريكي – بما في ذلك 980.5 مليون دولار للجامعات وحدها، كونها تكبّدت القدر الأكبر من الخسائر. 

وتُعتبر البنى الأساسية العلمية في منطقة خاركيف الأشد تضرراً، إذ تكبّدت جامعة ياروسلاف الحكيم الوطنية للقانون وجامعة خاركوف الوطنية بيكيتوف للاقتصاد الحضري أعلى تكاليف الأضرار بواقع 116.5 و104.1 مليون دولار أمريكي على التوالي.                                                                                           

نهب وتدمير معدات بالغة الأهمية 

لم تقتصر الأضرار على المباني وحدها، إذ لحق الدَّمار بأكثر من 750 قطعة من معدّات الأجهزة العلمية والفنية، وتكبّدت 643 قطعة منها أضراراً لا يمكن إصلاحها. وتشمل هذه الحصيلة معدّات كانت تُستخدم في مجموعة واسعة من الأنشطة البحثية. وتُقدَّر التكلفة الإجمالية اللازمة لإصلاح هذه المعدّات البحثيّة الهامة بقيمة 45.9 مليون دولار أمريكي. 

يُسفر احتلال القوات الروسية المؤقت للأراضي عن آثار جسيمة، إذ اضطرت 18 مؤسسة علمية إلى نقل مقراتها، مع العلم أنّ بعضها كان يجري دراسات على التنوع البيولوجي والنظام البيئي المحليَّين، وهي بحوث لا يُمكن مواصلتها عن بُعد.

يُثير الوضع في معهد مشكلات أمان محطات الطاقة النووية، بالقرب من زابوريزهزهيا، القلق بوجه خاص، إذ تعرَّضت معدات أساسية لرصد حالة قطاع الطاقة النووية إلى السرقة أو التدمير، بما في ذلك أحد المختبرات الإشعاعية الفريدة، الذي يتحكم بمستويات الإشعاع. وتعتبر خسارة أجهزة الرصد هذه تهديداً أمنياً كبيراً يُحدق بالمنطقة ككل. 

الأوساط العلمية الأوكرانية أمام انتكاسات كبيرة 

أسفرت الحرب عن تشتت العلماء الأوكرانيين في جميع أنحاء البلاد وخارجها، وتردَّت ظروف عملهم. كان عدد الباحثين العاملين في مجال البحوث التابعة للقطاع العام88.629  باحثاً في شهر شباط/ فبراير 2022. ومنذ ذلك الحين، أُجبر 12٪ (أي 10.429) من هؤلاء الباحثين والأساتذة العاملين في 524 مؤسسة وجامعة على الانتقال إلى مكان آخر داخل أوكرانيا (بواقع 4.887) أو إلى الخارج (بواقع 5.542). وتستضيف ألمانيا وبولندا حالياً العدد الأكبر من العلماء الأوكرانيين في المنفى. وانخفض عدد العلماء العاملين في مجال البحوث التابع للقطاع العام في أوكرانيا بمقدار4.958  (أي 5.3٪).

تناهز نسبة العلماء الأوكرانيين المضطرين اليوم إلى العمل عن بُعد 30٪، وتشمل هذه النسبة المهاجرين والطواقم النازحة داخلياً، مثل أولئك الذين فروا عنوة من أكثر المناطق تضرراً إثر القصف، وهي: خاركيف، كييف، سومي، دنيبرو، أوديسا، منطقة زابوريزكا.

تفاقم نقص التمويل 

تقلَّصَ أيضاً التمويل المُخصَّص للقطاع العلمي إلى حدّ كبير، إذ أفاد معهد اليونسكو للإحصاء بأنّ إجمالي الإنفاق المحلي على البحوث والتنمية انكمش بواقع 38.5٪ بين عامَي 2021 و2022، وذلك من 2019.5 إلى 1242.1 مليون دولار أمريكي.

وتكبّدت الأكاديمية الوطنية للعلوم في أوكرانيا، التي تُمثّل 450 معهداً منتسباً، تخفيضاً في ميزانيتها بواقع 48٪ منذ عام 2021، الأمر الذي فرض تجميد العديد من البرامج البحثية وأسفر عن إضعاف العديد من المجموعات والفرق البحثية. وانخفض متوسط الرواتب الشهرية بواقع 39٪ واضطر العديد من الباحثين إلى العمل بدوام جزئي. 

وأَضَرَّ نزوح العلماء والاقتطاعات التي شهدتها الميزانية إبّان العامَين المنصرمَين بالإنتاج العلمي الأوكراني، بما في ذلك أنشطة النشر، فضلاً عن مستوى التعاون مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأعضاء الشراكة الأوروبية الأطلسية وبلدان في أفريقيا وآسيا.

سوف تعقد اليونسكو بتاريخ 11 آذار/ مارس اجتماعاً في مقرها (باريس، فرنسا) بحضور علماء من أوكرانيا وغيرها من البلدان لمناقشة النتائج التي خلصت إليها الدراسة مع الدول الأعضاء في المنظمة، ودراسة الخطوات المُقبلة في سياق الدعم الذي تقدمه اليونسكو لأوكرانيا. 

***

لمحة عن اليونسكو

تسهم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، بمعية دولها الأعضاء البالغ عددها 194 دولة عضواً، في بناء السلام وإحلال الأمن عبر قيادتها للتعاون المتعدد الأطراف في مجالات التعليم والعلوم والثقافة والاتصال والمعلومات. وتتخذ المنظمة من باريس مقراً لها، ولديها مكاتب موزعة على 54 بلداً، وتوظف أكثر من 2300 شخص. وتشرف اليونسكو على أكثر من 2000 موقع للتراث العالمي ومحمية للمحيط الحيوي وحديقة جيولوجية عالمية؛ وشبكة للمدن المبدعة ومدن التعلم والمدن المستدامة الشاملة للجميع؛ وتشرف أيضاً على أكثر من 000 13 مدرسة منتسبة وكرسي جامعي ومعهد للتدريب والبحوث. وترأسها المديرة العامة أودري أزولاي. 

"لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تُبنى حصون السلام".

 -  ديباجة الميثاق التأسيسي لليونسكو، 1945.

للاستزادة: https://www.unesco.org/ar