أخلاقيات الذكاء الاصطناعي
تتبوأ اليونسكو، انطلاقاً من الولاية الفريدة المناطة بها، مكانة الصدارة في الجهود الدولية الرامية إلى ضمان تطور العلوم والتكنولوجيا خلال العقود القادمة وفقاً لضوابط أخلاقية متينة.
وانطلاقاً من هذه الرؤية، وضعت اليونسكو جملة من المعايير العالمية، سواء في مجال البحوث الجينية أو تغير المناخ أو البحوث العلمية، لتحقيق الاستفادة القصوى من الاكتشافات العلمية والتقليل من مخاطر تقويضها، وكذلك ضمان تسخيرها لبناء عالم أكثر شمولاً واستدامةً وسلاماً. وحدّدت اليونسكو أيضاً التحديات الجديدة في عدة مجالات، من بينها أخلاقيات التكنولوجيا العصبية والهندسة المناخية وإنترنت الأشياء.
أدّت النهضة المطردة في الذكاء الاصطناعي إلى إيجاد العديد من الفرص على الصعيد العالمي، بدءاً من تيسير التشخيص لأغراض الرعاية الصحية وانتهاء بتمكين البشر من التواصل فيما بينهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تعزيز كفاءة الأيدي العاملة من خلال المهام المؤتمتة.
تُثير هذه التغيرات المطردة بطبيعة الحال مخاوف أخلاقية بالغة تنبع من الإمكانيات الكامنة في نظم الذكاء الاصطناعي لغرس أوجه التحيز واستفحال تدهور المناخ وتهديد حقوق الإنسان، وغيرها الكثير. وبدأت المخاطر الناتجة عن الذكاء الاصطناعي بالتفاقم بالفعل مع أوجه عدم المساواة القائمة، وهو ما يُلحق مزيداً من الأذى بالفئات المهمشة بالفعل.
ما من مجال آخر أحوج إلى وجود نبراس أخلاقي أكثر من الذكاء الاصطناعي. تُعيد هذه التكنولوجيات ذات الأغراض العامة تشكيل الطريقة التي نعمل ونتفاعل ونعيش بها. وإن العالم ماض نحو التغير بوتيرة لم نشهدها منذ انتشار استخدام المطبعة منذ ستة قرون مضت. تعود تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي بفوائد كبيرة في العديد من المجالات. لكن يُخشى في ظل غياب الضوابط الأخلاقية أن تؤدي إلى ظهور مظاهر التحيز والتمييز على أرض الواقع وتأجيج الانقسامات وتهديد حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
أربع قيم أساسية
فهم حيوي للذكاء الاصطناعي
تقدّم التوصية تفسيراً عميقاً للذكاء الاصطناعي باعتباره طيفاً من النظم القادرة على معالجة البيانات بصورة تحاكي السلوك الذكي.
ولذلك تكتسي التوصية أهمية بالغة نظراً إلى التغير التكنولوجي السريع الذي قد يقوض نجاعة أي تعريف جامد وضيق الأفق، ويعوق تنفيذ السياسات الاحترازية إزاء أي مخاطر مستقبلية.
نهج قائم على حقوق الإنسان إزاء الذكاء الاصطناعي
سياسات قابلة للتفعيل
توضح الإجراءات الرئيسية للعمل في مجال السياسات الميادين التي يمكن للدول الأعضاء العمل فيها لخطو خطوات فعالة لتطوير الذكاء الاصطناعي بصورة مسؤولة.
لا شك في أنّ القيم والمبادئ ضرورية حقاً لإرساء أسس أي إطار أخلاقي للذكاء الاصطناعي، لكن التوجهات الراهنة إزاء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي أكدت ضرورة عدم الاكتفاء بالمبادئ الرفيعة المستوى والعمل على إيجاد استراتيجيات عملية.
وهذا هو ما تقدمه التوصية بالتحديد إذ تحدد 11 مجالاً رئيسياً لاتخاذ إجراءات في مجال السياسات.
تنفيذ التوصية
منصة خبراء شبكة النساء من أجل الذكاء الاصطناعي الأخلاقي للنهوض بالمساواة بين الجنسَين
شبكة النساء من أجل الذكاء الاصطناعي الأخلاقي هي شبكة تعاونية جديدة أنشأتها اليونسكو لدعم الجهود التي تبذلها الحكومات والشركات لضمان تمثيل النساء على قدم المساواة في عمليات تصميم نظم الذكاء الاصطناعي ونشرها. وسيساهم أعضاء الشبكة في تعزيز الأحكام الأخلاقية التي تنص عليها الاتفاقية بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
تضم الشبكة 17 خبيرة رائدة من الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والهيئات التنظيمية في جميع أرجاء العالم، وسيتشاطرن البحوث ويساهمن في تكوين ذخيرة من الممارسات الجيدة. وستدفع الشبكة بعجلة التقدم المحرز نحو اجتثاث التمييز من الخوارزميات ومصادر البيانات، وتحفيز مشاركة الفتيات والنساء والمجموعات الناقصة التمثيل في نظم الذكاء الاصطناعي.
مجلس الأعمال الأيبيري الأمريكي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي
مجلس الأعمال الأيبيري الأمريكي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي هو مبادرة تعاونية بين اليونسكو وشركات أمريكا اللاتينية الفاعلة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه في العديد من القطاعات.
يعتبر المجلس بمنزلة منبر يجمع الشركات كي تتشاطر خبراتها وممارساتها الأخلاقية في مجال الذكاء الاصطناعي. ويعمل المجلس عن كثب مع اليونسكو سعياً منه إلى ضمان تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه بصورة تحترم حقوق الإنسان وتحافظ على المعايير الأخلاقية.
تتولى شركتا ميكروسوفت وتيليفونيكا اليوم رئاسة المجلس الذي يبدي التزامه بتعزيز القدرات التقنية في مجالي الأخلاقيات والذكاء الاصطناعي، وتصميم منهجية تقييم الأثر الأخلاقي المنصوص عليها في الاتفاقية بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتنفيذها، والمساهمة في إعداد نظم إقليمية ذكية. ويسعى المجلس جاهداً من خلال هذه الجهود إلى إيجاد بيئة تنافسية تعود بالفائدة على سائر الجهات المعنية في أمريكا اللاتينية وتنهض بذكاء اصطناعي يتسم بالمسؤولية ويُستخدم على نحو أخلاقي.